غرائب قانون العقوبات المصري بخصوص جريمة الزنا
من المؤكد أن جريمة الزنا من أشد الجرائم مقتاً لدي جميع طوائف الشعب المصري وهي من المحرمات في كل الشرائع السماوية فالإسلام والمسيحية واليهودية يحرمون جريمة الزنا ويمقتون فاعلها، فالدين الإسلامي جعل الزنا من الكبائر التي تستوجب حد الرجم والدين المسيحي حرم الزنا وأي علاقة خارج أطار الزواج والدين اليهودي جعل القتل حد لجريمة الزنا، ولكن دعونا نلقي نظرة على جريمة الزنا في قانون العقوبات المصري الذي من المفترض أن يستمد أحكامه من مبادئ الشريعة الإسلامية.
نص قانون العقوبات المصري على جريمة الزنا في المواد من 273 حتى 277 ،وباستقراء هذه المواد نجد أن المخاطب بأحكام هذه النصوص هو الرجل المتزوج والمرأة المتزوجة فلا تحرك جريمة الزنا ضد غير المتزوجين ،فاذا أجتمع رجل غير متزوج بأمرة غير متزوجة فلا مجال لمعاقبتهم قانونا وهذا هو نهج قانون العقوبات المصري وهو نهج مخالف للشرائع السماوية عامة والشريعة الإسلامية خاصة التي هي أساس التشريع المصري وفقا لنصوص الدستور المصري حيث تنص المادة الثانية من الدستور على “مبادئ الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع” وهو ما يستوجب تعديل قانون العقوبات ليتماشى مع أحكام الشريعة الإسلامية.
أما المفارقة الثانية في قانون العقوبات المصري في هذا الشأن هي أن المادة 273
تنص على “لا تجوز محاكمة الزانية إلا بناء على دعوى زوجها إلا إنه إذا زنى الزوج في المسكن المقيم فيه مع زوجته كالمبين في المادة 277 لا تسمع دعواه عليها” وهذه المادة ترسي مبدئين أحدهما في غاية الخطورة إلا وهما الأول أن جريمة الزنا لا تتحرك ضد الزوج أو الزوجة ألا بشكوى من أحدهما ضد الاخر وبذلك فأن المشرع قد فضل الاعتبار الشخصي على اعتبار الصالح العام عند تحريك جناية الزنا فجعلها موقوفة على شكوى أحدهما ضد الاخر وهو أتجاه محمود من المشرع للحفاظ على كيان الاسرة من التفكك أما المبدأ الثاني وهو مبدأ خطير وطريف في ذات الوقت هو أن المشرع قد أباح المقاصة بين الزوجة والزوج في جريمة الزنا حيث أنه في حالة ارتكاب الزوجة لجريمة الزنا وكان زوجها قد أرتكب هذه الجريمة في وقت سابق فان الجناية لا تحرك ضدها لسبق ارتكاب زوجها هذه الجريمة في منزل الزوجية وهو حكم لا أعتقد أن له مثيل في قانون العقوبات.
أما المفارقة الثالثة والأخيرة هي التفرقة غير المبررة بين الزوج والزوجة في جريمة الزنا ، فأولا لكي تقوم جريمة الزنا في مواجهة الزوج ويتم معاقبته عليها يجب أن تقع الجريمة في منزل الزوجية وهو ما تنص عليه المادة 277″كل زوج زنى في منزل الزوجية وثبت عليه هذا الأمر بدعوى الزوجة يجازى بالحبس مدة لا تزيد على ستة شهور” فاذا وقع فعل الزنا خارج منزل الزوجية فأن الرجل لا يعاقب على جريمة الزنا ،ولكن بالنسبة للزوجة فأن جريمة الزنا تقع منها أيا كان مكان ارتكاب الفعل المجرم ، وهذه تفرقة غير مبررة حيث أن فعل الزنا من الفواحش التي تستوجب المعاقبة عليه أي كان مكان وقوعه والوفاء بين الأزواج مفترض وجوده عند الزوج والزوجة أي كان الزمان والمكان وهذا ما يستقيم مع السجية الإنسانية السليمة وأحكام الشرائع السماوية ، وثانيا هي التفرقة في العقوبة بين الزوج والزوجة حيث نصت المادة 274″المرأة المتزوجة التي ثبت زناها يحكم عليها بالحبس مدة لا تزيد على سنتين لكن لزوجها أن يقف تنفيذ هذا الحكم برضائه معاشرتها له كما كانت” ومن هذا النص نجد أن المشرع جعل عقوبة الزنا بالنسبة للزوجة هي الحبس مدة لا تزيد عن سنتين وعقوبة الزنا بالنسبة للزوج هي الحبس ستة أشهر وهي تفرقة غير مبررة أطلاقا.
لذلك فأننا نطالب وبحق بتعديل نصوص قانون العقوبات الخاصة بجريمة الزنا ليتماشى مع أحكام الشرائع السماوية عامة والشريعة الإسلامية خاصة والسجية الإنسانية السليمة .
وفي النهاية نشيد بما قضت به المحكمة الدستورية العليا بحكمها الصادر يوم السبت الموافق 6/6/2020والذى قضى “حكمت المحكمة بعدم دستورية ما تضمنه عجز نص المادة 276من قانون العقوبات الصادر بالقانون رقم 58لسنة1937،من قصر الدليل الذي يقبل ويكون حجة على المتهم في جريمة الزنا على حالة وجوده في منزل “مسلم” ،والزمت الحكومة المصروفات ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة “وهذا أتجاه محمود من المحكمة الدستورية العليا في أزاله التمييز بين المواطنين المصريين ونرجو المزيد.
1 تعليق واحد. Leave new
رائع