قضت المحكمة الدستورية العليا برئاسة المستشار المستشار الدكتور حنفى على جبالى، في الدعوى رقم 26 لسنة 31 قضائية “دستورية” برفض الدعوى التي أقيمت طعنًا بعدم دستورية نص الفقرة (3) من المادة (12) من القانون رقم 13 لسنة 1983 بشأن اتحاد نقابات المهن الطبية، والتي تنص على أنها حددت قيمة الدمغة الطبية طبقًا للجدول المرفق بهذا القانون.
ونص البند ثالثًا من الجـدول الملحـــــق بالقانون بعد استبداله بالقانون رقم 24 لسنة 1994 تحت مسمى فئات الدمغة التي يتحملها المستورد، على استحقاق الاتحاد دمغة طبية بمقدار “2% من ثمن بيع المستحضر من الأدوية البشرية والبيطرية ومستحضرات طب الأسنان والمبيدات الحشرية المنزلية ومستحضرات التجميل، وذلك فيما عدا ما يستورده قطاع الأعمال من أدوية مدعمة يصدر بتحديدها قرار من وزير الصحة”.
محتوي الصفحة
لطلب استشارة قانونية يرجي التواصل على :
هاتف و واتساب
00201288778811
وأقامت المحكمة حكمها استنادًا إلى أن الدستور القائم قد اتخذ من تحقيق العدالة الاجتماعية وتوفير سبل التكافل الاجتماعى، أحد أهم ركائزه الأساسية، قاصدا من ذلك، وعلى ما أفصحت عنه المادة (8) منه، ضمان الحياة الكريمة لجميع المواطنين، وقد ناط الدستور بالقانون تنظيم القواعد التي تحقق هذا الهدف. وألزمت المادة (17) منه الدولة بتوفير خدمات التأمين الاجتماعى، بما يضمن لكل مواطن حياة كريمــــة، هو وأسرته. كما عُنى الدستور في المادة (18) منه بضمان توفير الرعاية الصحية لكل مواطن وفقًا لمعايير الجودة، بحسبانها العمود الفقري للحياة الكريمة للإنسان، فأقر ذلك حقا لكل مواطن يستوجب التزام الدولة بتخصيص نسبة من الإنفاق الحكومى على الصحة لا يقل عن 3 % من إجمالى الناتج القومى، تتصاعد تدريجيا حتى تتفق مع المعدلات العالمية.
وقالت المحكمة: “إذ كان ذلك محور اهتمام الدستور ومبتغاه، فقد أفصح الدستور عن المفترض الرئيسي لضمان بلوغ هذا الهدف غايته، بإلقائه التزامًا على الدولــــــــــة بتحسين أوضــــــــــاع الأطباء وهيئات التمريض والعاملين في القطاع الصحي قاصدًا من ذلك توفير الدعائم الأساسية لنجاح هذا الهدف. وهكذا فقد بات تحسين أوضاع الأطباء وهيئات التمريض ومعاونيهم أحد التزامات الدولة التي ألقاها الدستور على عاتق المشرع، وسائر أجهزة الدولة، كلٍ في حدود اختصاصه”.
ونوهت المحكمة بأنه لما كان ذلك، وكان الدستور قد اتخذ من النظام الضريبي وسيلة لتحقيق أهدافه، فنص في المادة (38) منه على تعيين تلك الأهداف بتنمية موارد الدولة، وتحقيق العدالة الاجتماعية، والتنمية الاقتصادية. وكان تحسين أوضاع الأطباء وهيئات التمريض أحد الالتزامات الملقاة على الدولة بكافة مؤسساتها، والتي يدخل ضمنها توفير الرعاية الصحية لهم، والمعاشات التي تؤمن حياتهم في حاضرها ومستقبلها. ومن ثم فإن هذا الواجب يعد من التكليفات الرئيسة التي يتعين على المشرع القيام عليها والوفاء بها.
وأوضحت أنه لما كان ذلك، وكان المشــــــــرع قــــــــد خصص بموجــــــــب النص المطعون عليه والبند (ثالثًا) من الجدول المرفق بالقانون– في حدود النطاق المحدد سلفًا- موردًا وقفه على صندوق إعانات ومعاشات اتحاد نقابات المهـــن الطبية، الذي يضــــم النقابــــات الطبية الأربــــع: نقابة الأطباء، وأطباء الأسنان، والأطباء البيطريين، والصيادلة، وهو اتحاد أنشئ بموجب القانون المطعون عليه كاتحاد نقابى وفق أحكام المادة (76) من الدستور، والذي جعل الدستور من بين أهدافه الدفاع عن حقوق أعضائه وحماية مصالحهم.
وأشارت إلى أن هذه النقابات الأربع هي نقابات مهنية تقوم كل منها على مهنة من المهن الطبية وتُعد من أشخاص القانون العام، وتتمتع بالحماية المقررة في المادة (77) من الدستور، وكان وقف المشرع لحصيلة هذه الضريبة على هذا الاتحاد تلبية لهذا الغرض، بحيث لا تدخل حصيلتها خزانة الدولة، بقصد تحسين أوضاع أعضاء النقابات الأربع على اختلاف تخصصاتهم، ليكون معينا لهم على توفير الحياة الكريمة، والحفاظ على الحد الأدنى للرعاية الصحية اللائقة بهم، وتحقيقًا لمقتضيات التكافل والتضامن الاجتماعى من توفير الخدمات اللازمة من معاشات ورعاية اجتماعية في أحوال العجز.
وأكدت أن النقابات الأربع هم عماد القطاع الرئيس الذي يقوم على توفير الخدمات الصحية للمجتمع بأسره، وكان هذا التخصيص قد تم بالأداة التي عينها الدستور وهى القانون، وبهدف توفير مورد يكفل لهم هذه الخدمات، التي يُعد كفالتها واجبًا والتزامًا على الدولة، غايته تحقيق مصلحة جوهرية أولاها الدستور اهتمامه وعنايته، فإن هذا التخصيص على هذا النحو يكون قد وافق الغايـــــــات الصريحة للدستور، وتوافـــــــق وعمـــــــوم أحكامـــــــه الضريبية جبايـــــــةً وتخصيصا.